يمكن تعريف مضادات أو رابطات السموم الفطرية على أنّها عبارة عن مواد لها القدرة على الإرتباط بالسموم الفطرية (إدمصاصها) وتحييدها. حيث تعدّ السموم الفطرية عبارة عن مواد سامّة تنتجها فطريات العفن الموجودة بكميات كبيرة في أغذية الإنسان وأعلاف الحيوانات والدواجن. بالإضافة إلى أنّ السموم الفطرية تسبّب في حدوث مضاعفات مرضية لأعضاء الجسم مثل الكبد والكلى والجهاز الهضمي وخفض معدّل التكاثر وقدرة الإستجابة المناعية للجسم وما إلى ذلك من الآثار السلبية التي تحدثها في جسم الكائن الحي.
كما يمكن للسموم الفطرية أن تنتقل إلى منتجات هذه الحيوانات وتسبّب مشاكل خطيرة في جسم الإنسان أيضاً. من بين هذه المشاكل يمكن ذكر السرطانات والتهابات الكبد والفشل الكلوي. لهذا السبب، عادة ما تجري مصانع تجهيز أعلاف المواشي والدواجن اختبارات دقيقة لفحص وقياس كمية السموم الفطرية قبل شراء الخامات لضمان إنتاج أعلاف نظيفة وضمن حدود المواصفات القياسية المطلوبة. حيث أنّ للسموم الفطرية أنواع عديدة، أهمّها الأفلاتوكسينات، والأوكراتوكسين، والزيرالينون، وديوكسينيوليون، والتريكوسين، إلخ.
ما هي أنواع مواد رابطات السموم الفطرية؟ وماهي آلية عملها؟ أو كيف تعمل؟
نظراً لوجود أنواع مختلفة من السموم الفطرية، فهناك أيضاً أنواع مختلفة من المواد الرابطة لهذه السموم، وذلك نظراً لأنّ كل نوع من أنواع السموم الفطرية له خصائص كيميائية فريدة، وبذلك فإنّها تحتاج الى مركباتها خاصة قادرة على ربطها أو إدمصاصها بطريقة مختلفة أيضاً.
بشكل عام، تنقسم مواد رابطة السموم إلى مجموعتين رئيسيتين الأولى عبارة عن المواد المعدنية أو الطينية أو ما تسمّى بمواد رابطات السموم غير العضوية (القطبية) والثانية عبارة عن المواد العضوية (غير القطبية). كما أنّ مركّبات الأحماض والأملاح العضوية فعّالة أيضاً في قدرتها على التعامل مع السموم الفطرية، والتي سوف نتطرّق لكلّ منها في ما يلي:
أولاً: مشتقات الطين أو الأطيان المعدنية (القطبية) (Clay Derivatives)
تشمل رابطات السموم الفطرية الطينية أو المواد اللاصقة المعدنية مواد مثل أطيان الألومينوسيليكات (HASCS)، والبنتونايت ومنها بنتونايت الصوديوم والبوتاسيوم، والزيولايت والمونتوميورلايت والكليبيتينولايت والاكتف كليبتينولايت وغيرها. تتميّز هذه الأنواع من مضادات السموم الفطرية برخص سعرها وفعاليتها العالية على السموم العلفية القطبية مثل الأفلاتوكسينات ولكن ما يعاب عليها أنّها متخصّصة فقط بالسموم القطبية وليس لها أي تأثير على السموم غير القطبية مثل الزيرالينون وغيرها وكذلك بسبب كبر حجم فتحاتها ترتبط مع الفيتامينات والأملاح المعدنية والأحماض الأمينية، يستثنى من خاصية الإرتباط بالفيتامينات مادّة الاكتف كليبتينولايت بسبب صغر حجم فتحاته 4 انجستروم فقط وكلّ الفيتامينات فوق هذا الرقم بكثير. بعض التشريعات تسمح بتسجيل مضادات السموم الفطرية فقط من هذه المجموعة بسبب القدرة على حساب فعالية المنتج (وتكون بإضافة المنتج إلى علف معلوم كمية السموم فيه وبعدها يتمّ جمع الفضلات ويجب أن لا تقلّ كمية السموم بالفضلات عن 80% من السموم بالعلف المتناول).
تكمن قدرة هذه المواد على ربط أو إدمصاص السموم الفطرية وذلك بسبب امتلاكها لهيكل بنائي مشحون، والذي لديه القدرة على إدمصاص السموم الفطرية مع الشحنة الكهربائية المعاكسة. النقطة المهمة في هذا الصدد هي كمية الشحنة الكهربائية والسطح الشبكي الملامس للجسيمات بالسموم، ممّا يدلّ على كفاءتها. بحيث أنّه كلّما ارتفعت درجة هذين المؤشرين كلّما زادت كفاءتها في إدمصاص السموم الفطرية. لدى هذه الأنواع من مضادات السموم، ومنها البنتونايت القدرة على إدمصاص السموم الفطرية، والتعامل مع السموم الفطرية الأخرى، كما يجب استخدام مركّبات أخرى ماصة للسموم سنذكرها تباعاً. في حين يمكن أن يؤدّي استخدام مواد رابطة السموم الطينية إلى تقليل سرعة مرور الغذاء في الأمعاء، ممّا يزيد من تأثير مواد رابطة السموم الأخرى على السموم الفطرية الأخرى.
للعلم أنّه عادةً ما يتمّ أيضاً استخدام البنتونايت كمواد رابطة للحبيبات في مصانع أعلاف الحيوانات والدواجن، ممّا يؤدّي في النتيجة الى التقليل من كمية الأفلاتوكسين في علف الحيوانات والدواجن التي تستخدم العلف المحبّب. بالطبع، إنّ هناك تخوف جراء استخدام رابطات السموم الفطرية بسبب احتمالية إدمصاصها للعناصر الغذائية الدقيقة مثل الفيتامينات والأملاح المعدنية النادرة كما ذكرنا سابقاً.
ثانياً: رابطات السموم الفطرية العضوية (غير القطبية)
عادةً ما تعتمد مواد ربط السموم العضوية على وجود مواد مثل جدار الخمائر المكونة من 1- 3 بيتاجلوكان و1 – 6 بيتاجلوكان، على نقيض رابطات السموم الفطرية الطينية القطبية، فإنّ هذه السكريات عبارة عن رابطات غير قطبية أو مواد رابطة غير معدنية، وبالتالي لا تشكّل أي تهديد من حيث إدمصاص الفيتامينات والعناصر المعدنية الدقيقة أو العناصر الغذائية الأخرى، ومن أنواع مضادات السموم الفطرية العضوية أو غير القطبية ما يلي:
- الخميرة ومشتقاتها (Yeast & Yeast Cell Wall Extract)
تتميّز هذه الأنواع من مضادات السموم بفعالية ضد السموم العلفية غير القطبية (Non Polar Mycotoxin) مثل الزيرالينون وكانت تضاف في السابق الخميرة بكاملها وبعدها تمّ إضافة مستخلص جدار الخميرة، المادة الفعّالة في جدار الخميرة هي الالفا منان (Alpha Mannan) والبيتاجلوكان (Beta Glucan) وهذه أهمّ مادتين بالإضافة إلى الفيتامينات وخاصة مجموعة فيتامينات B وكمية من البروتين. من صفات هذا النوع من المضادات فعاليتها العالية ضد السموم العلفية غير القطبية، إنّ الحلزونات الطويلة والمعقّدة المكونة للبيتاجلوكان قادرة على ربط السموم الفطرية مثل Ochratoxin وZearalenone مع روابط الهيدروجين وفان دير فالس وإخراجها مع الفضلات، ونظراً لأنّ جدار الخميرة هو عبارة عن مادة رابطة قوية للسموم الفطرية، فإنّه يتمتّع أيضاً بقدرة إدمصاص عالية لكمية كبيرة من السموم الفطرية المذكورة. خاصية أخرى لجدار الخميرة هي قدرته على تقوية بكتيريا حامض اللاكتيك المحلّلة للاكتات التي تسبّب حالة الحموضة (Acidosis) في الأبقار الحلوب، والتي تتسبب بشكل غير مباشر في إنتاج السموم الداخلية، وهي سموم بكتيرية وتسبب أضراراً التهابية وعصبية في جسم الحيوان. لذلك، يمكن لجدار الخميرة أن يمنع إنتاج بعض السموم.
كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن تحلّل اللاكتات يؤدّي إلى تعديل درجة الحموضة في الكرش، وهو أمر فعال في تحسين قابلية الهضم. من مساوئ هذا النوع من المضادات كلفتها العالية وعدم فعاليتها ضد السموم العلفية القطبية وكذلك عدم تحملها لدرجات الحرارة العالية أثناء عملية التصنيع.
- الإنزيمات (Enzymes)
مثل الاسترايز (Estrase) والبيكورنيز (Pecornase) وهذه المجموعة تعمل على تكسير الروابط أو الأواصر بين جزيئات السموم وبالتالي تثبيط فعاليتها.
- الطحالب البحرية (Sea Algae)
تمّ في السنوات الأخيرة إثبات فعالية بعض أنواع الطحالب البحرية ضدّ السموم الفطرية العلفية، حيث أثبتت الأبحاث في هذا المجال مدى فعاليتها العالية ضدّ السموم العلفية غير القطبية، في حين أنّ هنالك شركة أوربية شرقية تدعي أنّ لديها منتج له فعاليته عالية ضد السموم العلفية القطبية.
مجموعة الخمائر والانزيمات والطحالب معظم التشريعات لا تسمح بتسجيل هذه المجاميع لعدم القدرة على حساب كمية وفعالية كمضادات سموم علفية، حتى أنّ واحد من أشهر المنتجات العالمية كانت شهادة تسجيله عبارة عن منتج بروبايوتيك وليس مضاد سموم، ولكن في ما بعد تمّ تسجيله كمضاد سموم وذلك اعتماداً على احتوائه على مادة البنتونايت.
- الأحماض العضوية وأملاحها
يمكن للأحماض العضوية أو المعروفة أيضاً بالمُحمِّضات (Acidifiers)، مقاومة السموم الفطرية بطريقتين:
الطريقة الأولى:
تؤدّي إضافة الأحماض العضوية إلى العلف إلى حدوث انخفاض في درجة الحموضة أو قيمة الآس الهيدروجيني (pH)، التي تعمل على استبعاد أو تثبيط نمو الفطريات المنتجة للسموم الفطرية.
الطريقة الثانية:
كما لوحظ أيضاً أنّ لحمض اللاكتيك قدرة فعالة ضدّ بعض السموم الفطرية. كذلك فإنّ البكتيريا المنتجة لحمض اللاكتيك أو العصيات اللبنية قادرة على تعطيل بعض السموم الفطرية عن طريق إنتاج حمض اللاكتيك.
ماذا عن إإضافة مضادات السموم في مياه الشرب؟
يمكن أن تضاف مضادات السموم الفطرية في مياه الشرب على بشكل ثلاثة مجاميع:
المجموعة الأولى:
تحتوي هذه المجموعة على أحماض عضوية مثل البروبيونيك واللاكتيك الفورميك وغيرها وهذه من أضعف المنتجات من حيث الفعالية.
المجموعة الثانية:
تحتوي هذه المجموعة على خليط من الخمائر مع الأحماض العضوية وهي من المنتجات الجيدة جداً وخاصة في حالة وجود سموم علفية غير قطبية.
المجموعة الثالثة:
تحتوي هذه المجموعة على مادة بروبيونات الأمونيوم (وهي الأفضل) (Ammonium Propionate) او مادّة فيومارات الأمونيوم أو الصوديوم أو الكالسيوم (Ammonium Fumarate) وهذه المجموعة ممتازة جداً ضد الإصابة بالسموم العلفية.
تجدر الإشارة هنا الى أنّ مضادات السموم العلفية وخاصة المجموعة الأولى تعتمد على حامضية الوسط فإذا قلّت حامضية الأمعاء لأي سبب كان فإنّ السموم تبدأ بالتحرّر من المادة المرتبط بها ولهذا تقوم أغلب الشركات العالمية بإضافة الأحماض العضوية للمنتج لعدّة اسباب من أهمّها الإبقاء على مستوى معين من حامضية الجهاز الهضمي.
كيف تختار مادة مضاد السموم الفطرية المناسب؟
يمكن اختيار مضاد السموم الجيد أو المناسب إذا كان مستوفٍ للشروط التالية:
- أن يميل وبشكل جيد للإدمصاص أو الإرتباط بالسموم الفطرية، بحيث يرتبط بالسموم الفطرية بسرعة فائقة ويبقى الارتباط بينهما ثابت حتى نهاية الجهاز الهضمي، أي حتى يتمّ إفراز السموم الفطرية خارج الجسم عن طريق الفضلات.
- يجب أن يكون فعّالاً أو يعمل على طيف واسع من السموم الفطرية، ولهذا السبب يوصى باستخدام مضادات سموم متعدّدة المكوّنات.
- لا يتسبّب في حدوث أي خلل في استساغة العليقة، ولا تحث أي خلل في عملية الهضم أو الإمتصاص للعناصر الغذائية الأخرى. فقد يحدث أن تتداخل بعض المواد الرابطة للسموم، وخاصة البنتونايت الذي يعدّ ضمن المعادن الطينية، مع إدمصاص بعض العناصر الغذائية الدقيقة وكذلك العناصر المعدنية مثل الكالسيوم، الماجنيسيوم، الزنك، المنجنيز والصوديوم معرضة لخطر الإرتباط أو الإندماج مع مضادات السموم الطينية. ولكن بالطبع، يختلف مقدار إدمصاص هذه العناصر في التراكيب الطينية المختلفة حسب نوعيتها.
- لا يتسبّب في حدوث مشاكل أثناء عمليات إنتاج الأعلاف وخاصة إنتاج العلف المحبّب.
- مقاوم لارتفاع درجة الحرارة أثناء معاملة العلف (بالكبس Pelleting أو البثق Expansion)، ودرجة الحموضة.
- غير سامّ، بحيث يجب التأكّد من عدم وجود المعادن الثقيلة السامّة من خلال الاختبارات المعملية الصحيحة (In vitro) وعلى الحيوان (In ovo) لمنتج كل شركة مصنّعة.
- يفضّل أن يحتوي منتج مضادات السموم المصنع على مركّبات مثل مضادات الأكسدة أو المستخلصات النباتية، والتي تقلّل من الآثار الجانبية للسموم الفطرية.
- يساعد على تحفيز الفلورا الميكروبية ويقلّل من انبعاث الروائح الكريهة داخل الحظيرة.
- يساعد على تقوية الجهاز المناعي للطائر.
- يزيد من معدّل الأداء الإنتاج، وتحسن من معامل التحويل الغذائي.
- غير مقيّد، أي ليس له فترة معينة لمنع استعمالها.
- أن يكون رخيص الثمن أو مجدي اقتصادياً.
ما هي الفوائد المترتبة على استخدام مضادات السموم Toxin Binders في الأعلاف؟
- تقوية أداء الجهاز المناعي.
- تحسين معامل التحويل الغذائي ورفع معدّل الأداء الإنتاجي.
- تحسين أداء الجهاز التناسلي.
- التقليل من كمية السموم الفطرية العلفية في منتجات الحيوانية والدواجن كاللحوم والبيض والحليب.
- تخفيف الآثار الضارة للسموم الفطرية وتقليل أمراض التمثيل الغذائي.
المصادر:
- تركي سراقبي. 2021. مشاكل الدواجن الظاهرة والخفية من التسمم بالذيفانات الفطرية. مكتبة الأنجلو المصرية.
- منشورات متعددة لشركات Biomin، MSD وAlltech.
- خبرات ميدانية سابقة للمؤلفين.